الطباعة ثلاثية الأبعاد تدخل ميدان صناعة الأطراف الاصطناعية
الطباعة ثلاثية الأبعاد تدخل ميدان صناعة الأطراف الاصطناعية
بسبب وجود عيب خلقي، ولد إيدان والبالغ من العمر 8 سنوات بدون أصابع في يده اليسرى. كبر وهو لا يستطيع أن يمسك الأشياء إلا إذا استخدم يده المصنوعة من النسيج الخشن الملمس ليستطيع حمل الأشياء. في المنزل لم ينزعج إيدان من افتقاره للأصابع ، لكن في الأماكن العامة اعتاد أن يقوم بإنزال كمه لإخفاء ذراعه أو تظاهر بأنه ليس لديه ذراع على الإطلاق.
لقد فهم والدا إيدان أنه كان واعياً للحالة التي يعاني منها ، ولكن لم يكن هناك أي بدائل مجدية يمكن تطبيقها لمساعدة ابنهما ، فاليد الاصطناعية ستكلف آلاف الدولارات ، في حين يستطيع العمل الجراحي أن يضيف إصبعاً ولكن يحتاج إلى إزالة أحد أصابع قدميه للقيام بذلك.
يقول والد إيدان ( أندرو ديليل ) : "لم يكن هناك أي شيء يثير اهتمامنا" . ثم في شباط من عام 2017 ، قرأ ديليل عن يد اصطناعية مصنوعة باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد. من خلال مجتمع على الإنترنت يدعى e-Nable ،كما وجد ديليل شخصاً ما بالقرب من منزله في روكفورد بولاية ميشيغان ، حيث لم يكن يمتلك ذلك الشخص طابعة ثلاثية الأبعاد فحسب بل أراد أيضاً أن يطبع ويجهز ويجمع يداً لإيدان بدون أي مقابل.
قدم ديليل قياسات معصم ويد إيدان، كما لبى رغبة إيدان بأن تكون يده الجديدة بألوان شخصية جانغو فيت ( من لعبة الفيديو the “Star Wars” bounty hunter ): الأزرق المحيطي والملكي . وبعد ثلاثة أيام، حان الوقت للتركيب.
قال ديليل :" لقدكانت لحظة سحرية . سمحت اليد الجديدة لإيدان بالتحدث إلى الأطفال الآخرين حول الاختلاف الموجود في أطرافه. كانت طريقة سهلة لجذب اهتمام الأطفال دون أي أن يدلوا بتعليقات سلبية. فبدلاً من سؤال إيدان ( لماذا يدك بهذا الشكل؟ ) ، تحولت الأسئلة إلى تعابير إعجاب مثل : ( يا إلهي ! هل هذه يد رجل آلي ؟ )"
تستخدم الطباعة ثلاثية الأبعاد لتصنيع كل شيء من قطع غسالة الصحون إلى الملابس العصرية. وقد ثبت بأنها منتج سيستفيد منه الآخرين.
تعتبر e-NABLE رائدة في هذا المجال ، وهي شبكة عالمية تضم ما يصل إلى 30،000 متطوع يقومون بصنع الأيدي المطبوعة ثلاثية الأبعاد والأجهزة المخصصة لأسفل الكوع من أجل أولئك الذين يحتاجون إليها. يتضمن هذا العدد من المتطوعين المدارس والمكتبات والشركات والمجموعات الروبوتية بالإضافة إلى أعضاء فرديين في مجموعة + Google النشطة التابعة لـ e-NABLE.
حتى الآن ، تم بناء أكثر من 5000 جهاز في أكثر من 100 بلد.
كما أن مؤسس e-NABLE ، جون سكول وهو عالم أبحاث ورجل أعمال في روشستر في نيويورك، يفضل ألا يطلق عليها منظمة بل حركة بدلاً من ذلك.
وقال سكول :" إننا نتطلع لظاهرة جديدة نسميها الإنسانية المترابطة التي يمكن لها أن تعالج المشاكل التي لا تزال غير محلولة من قبل المنظمات التقليدية مثل الشركات والحكومات".
يساعد e-NABLE على تشكيل حلقة وصل بين المتطوعين الراغبين في تقديم أيدي وسواعد مصنعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد ، وما بينين والأطفال الذين يحتاجون إليها.
وفي حال كان أي شخص يريد أن يقوم بالطباعة بنفسه ، يمكن لموارد ومتطوعي المجتمع الإلكتروني في e-NABLE مساعدته في ذلك أيضاً ، حيث يمكنهم اقتراح نوع الجهاز وتقديم الإرشادات خلال العملية وحتى المساعدة في الوصول إلى طابعة ثلاثية الأبعاد في منطقة قريبة.
إذن ، كيف تصنع الطابعة يداً حقيقية؟
أولاً، هناك حاجة إلى ملف ثلاثي الأبعاد. يمكن للناس تصميم واحد خاص به باستخدام برنامج حاسوبي أو الاستعانة بملف شخص آخر سبق إنشاؤه وتحميله على شبكة الإنترنت من أجل استخدامه مجاناً من قبل الآخرين.
باستخدام الإحداثيات المتوفرة في ذلك الملف، تقوم الطابعة ثلاثية الأبعاد بتذويب وقذف البلاستيك الساخن لبناء الأجزاء المرغوبة طبقة طبقة ، ومن ثم يتم تجميع القطع النهائية حيث قد يتم استخدام مجموعة من الأدوات والبراغي التي يمكن الحصول عليها بسهولة من أي متجر للأدوات.
تكلف الأيدي عن طريق e-NABLE وسطياً حوالي 15 دولاراً للبلاستيك وحوالي 50 دولاراً لبقية المواد. في بعض البلدان الأخرى التي تكون فيها المواد اللازمة ذات تكلفة أكثر من المنشأ او هناك صعوبة في الحصول عليها من المنشأ، يمكن أن يرتفع السعر إلى حوالي 300 دولار.
ولكن هذا لا يزال أقل بكثير من الأطراف الصناعية التقليدية يمكن أن تصل تكلفة اليد الإصطناعية التقليدية الواحدة إلى 20 ألف دولار. وبما أن معظم شركات التأمين تضع حداً للمبلغ السنوي الذي هم على استعداد لدفعه مقابل هذه الأجهزة، مما يترك العديد من الأشخاص يعانون من أجل تغطية التكلفة خصوصاً عند الأطفال نظراً لأن أطرافهم لا تزال في طور النمو ، وعلى الأرجح سيحتاجون إلى جهاز بديل جديد كل عامين حتى يبلغوا 18 عاماً.
"هناك زيادة في عدد الأطفال المولودين ومعهم قصور خلقي في الأطراف العلوية أو متلازمة البتر المكتسبة خلال العقدين الماضيين" ،قال الدكتور جورج م. زونيغا وهو أستاذ للميكانيك الحيوي في جامعة نبراسكا في أوماها ، كما يقوم بتدريس مواد تتعلق بالأطراف الصناعية المطبوعة وتجبير العظام.
في الولايات المتحدة وحدها، يتعرض أكثر من 32500 طفل لحالات بتر ، كما ولد حوالي 1500 طفل مع تشوهات في الأطراف العليا كل عام. وبسبب ذلك قال زونيغا: "هناك حاجة ماسة لأجهزة تعويضية عملية وسهلة الاستبدال ومخصصة وجذابة ومنخفضة التكلفة للأطفال".
ما يمكن للطرف المطبوع ثلاثي الأبعاد فعله وما لا يمكنه فعله (حتى الآن)
يمكن أن تكون اليد أو الذراع السفلية الموجودة في الطابعة ثلاثية الأبعاد خياراً جيداً للأشخاص الذين لا يمكنهم الوصول إلى الرعاية الطبية. كما يمكن لتصاميم e-NABLE أن تمنح المهنيين الطبيين قفزة نوعية إذا كانوا بحاجة إلى تخصيص طرف صناعي خاص للمرضى الذين قد لا يكون لديهم خيارات أخرى.
يقول إيفان أوين وهو أحد المشاركين في e-NABLE والذي قام مع زوجته برحلة إلى إفريقيا قاموا فيها بمساعدة العديد من الأشخاص المحتاجين : "مع الوضع الحالي للتكنولوجيا ، فإن وظائف هذه الأيدي لا تزال محدودة ولا تتطابق مع قوة ومتانة الأجزاء المصبوبة بالحقن ، هذه ليست أجهزة تتغير خلال الحياة. إنها أدوات تم توفيرها للأشخاص لتجربتها ومعرفة ما إذا كانت مناسبة للاستخدام في حياتهم " .
يوافق زونيغا الذي كان أحد الأعضاء المؤسسين لـ e-NABLE،على أن الأطراف الاصطناعية "الانتقالية" تلعب دوراً هاماً ، حيث يقول: "إذا كان الطفل لا يستخدم الأطراف الصناعية ولا يحتاج واحدة، فهذا جيد. ولكن إذا كان لديهم اهتمام ويحتاجون واحدة، فسوف يقدم لهم مجتمع e-NABLE يد العون "
ما يخبئه المستقبل
لم يبدأ e-NABLE بتقديم الحلول المجانية لعمليات البتر اليدوي الجزئي فحسب، بل أيضاً للأطراف العلوية والسفلية ، حيث يجري العمل الآن على الأجهزة ذات الأطراف السفلية ، وهناك أمل في توسيع نطاق المجموعة إلى تقنيات مساعدة أخرى مصنوعة باستخدام الطباعة ثلاثية الأبعاد ، مثل مخططات رسومية ملموسة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل بصرية.
كما أسس سكول شركة Enable المحدودة، وهي منظمة غير ربحية تعمل على إنشاء بنية أساسية لمجتمع e-NABLE العالمي ، وتدعم برنامجاً محلياً في روشيستر يوفر التدريب على الطباعة ثلاثية الأبعاد وصنع الأطراف الاصطناعية لطلاب المدارس الثانوية داخل المدن.
في هذه الأثناء، تواصل e-NABLE التقدم ليس فقط في بناء الأيدي ولكن أيضاً في بناء الاتصالات لإيصال المساعدة للمحتاجين في جميع أنحاء العالم.
يمتلك والد إيدان الآن طابعة ثلاثية الأبعاد خاصة بهم ، وقد قاما بصنع العشرات من الأيدي والأذرع للآخرين. ويأمل ديليل بأنه سوف يستطيع تأسيس عمل جديد خاص به في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد.
أما إيدان الذي سينتقل إلى الصف التاسع هذا الصيف ، فلم يعد يرتدي يده الاصطناعية كثيراً، لكن ديليل ينظر إلى هذا الأمر إيجابياً ، حيث يقول : " أعتقد أنه يفعل ذلك لأنه مرتاح ومنسجم مع وضعه الآن . فهو يرى الناس الذين نقدم لهم المساعدة ، حتى أنه يساعدنا في عملنا. يدرك إيدان أنه ليس وحيداً بعد الآن "
تعليقات
إرسال تعليق